في حينا ملحد

علي الشيخ3 فبراير 2021آخر تحديث :
في حينا ملحد

 

 

بقلم:هاجر مصطفى

 

تالله إنني لا أدري كيف أبدأ،من هول الموقف تبخرت الأحداث من ذهني وتبددت الكلمات، وتبعثرت الأحرف، وكاد حبر القلم يجف، جبيني تصبب عرقا، وجف حلقي، ونسيت لوهلة جم كلمات اللغة التي تعلمتها أمدًا.

 

مرحبًا عزيزي القارئ، لا أعلم أتستسيغ كلماتي هذه أم لا؟ بل لا أستطيع أن أتوقع كيف يكون وقعها على قلبك!

 

سأسرد لك بإختصار موقفًا حدث لي، لربما يمر مرور الكرام على البعض، لكنه والله ما زادني من القلق إلا قلقًا؛ أجل قلقة للغاية، قلقة على أمتنا وما آلت إليه من فقر ديني.

 

ويا أسفى علينا أصبحنا فقراء في الدين وليس في المال.

 

كنت عائدة أنا و إحدى صديقاتي من درس منذ يومين تقريبًا، و كما تعلم حالنا نحن الفتيات لا ينقضي طريقنا إلا بالكلام.

وجدتها تقول لي:

“أتعرفينَ زميلنا فلان”! فقلت: نعم أعرفه ما به! فردت قائلةً: ألا تعلمين أنه أصبح ملحدًا، الجميع يتحدث عن هذا الأمر.

لك أن تتخيل عزيزي القارئ وقع الكلمة عليّ حينها، تالله لقد وقعت عليّ موقع الصاعقة، تجمدت لوهلة وعقلي عاجز عن تفسير ما قالت أو ربما يماطل فالمصيبة مفجعة.

 

رددت عليها بعد وهلة من الصمت: كيف هذا، أجننتِ!

قالت لي: والله الجميع يتحدثون ويقولون ويخوضون، وما علمته أنه كان يتواصل مع أحدهم على مواقع التواصل الإجتماعي وهم من زرعوا هذا الفكر به، بل وصار مصرًا أنه لا إله للكون، وأن ما أوجد الإنسان محض إنفجار عظيم.

 

صدمة أخرى تلقيتها، أنحن بهذا الضعف العقائدي لتزعز معتقداتنا بعض كلمات لا أساس لها من الصحة!

بل لا ضير أننا في سكرة لا نعي ما يجول من حولنا.

ما هذا بربكم!، هل أفئدتنا ضعيفة لتلك الدرجة، هل إيماننا شحيح لذاك الحد، أم أن إسلامنا كان بضع أوامر نتلقاها من والدينا فنؤديها خشية غضبهم ولا نلتفت لربنا ورب أبائنا وغضبه!

 

لا أعلم الخطأ هنا عليه أم على والديه؟

وماذا ألا يعلمان ما يحدث مع ابنهما، و إذا علما فلقد فات الآوان فكانت الطامة الكبرى أن ولدهم يعتنق “فكرَ الإلحاد”.

 

السؤال الذي ألح عليّ هنا ولربما عليك أيضًا أيها القارئ.

ما هي العوامل التي أوصلت ذاك الفتى لتلكَ المحطة حالكة السواد؟ ما السبب الذي زج به في هذا المعترك البائس!

 

لن ألقي اللوم على أحد سوى أسرته، ربما ليس كل اللوم، لكن اللوم الأكبر من نصيبهم.

لم يلتزم كل أب وكل أم بدورهم أنت ربيته لكن لم تغرس به قيمًا وشيمًا راسخة جذورها لا تتزحزح بمجادلة عقيمة أو أرآء سامة وبضع كلمات مزخرفة و محلاه، أين المراقبة؟ أين المصاحبة؟ لقد سار على نهج أقرانه الحمقى الذي تعرف عليهم عن طريق تلك الشبكة السوداء، وهذا هو جل دورهم أن يقصوا كل مسلم عن دينه، أن يهدموا دعائم الأمة وينزعوا الإيمان من قلوب أبنائها.

 

لم يجد الإحتواء من والديه فبحث عنه خارجًا، لم يكن هنالك مراقبة على أفعاله، ليس مراقبة تحد اهتماماته وتخنقه، وليست قلة ثقة به، بل حرصًا عليه، لم يمتثلا لحديث رسول الله عليه وسلم حين قال: “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”. لم نعد نلاعب الابن سبع ونؤدبه سبع ونصاحبه سبع كما وصانا الحبيب.

 

أجد معظم الأباء طالما يوفرون لأبنائهم مأكل ومشرب وملبس فهم هكذا يأدون دورهم بأكمل وجه.

يأمرونهم بالصلاة والعبادة أمرًا، ويهولون لهم الأمر تهويلًا، عوضًا عن أن يخبرونهم بجزاء العبادة الحق التي تنبع من القلب؛ فيجعلونهم يلجأون لله كرهًا، لم لا نجعل الله ملاذهم الأول!، لم لا نتركهم يقعون في الذنب و يرون نتائجه الشنيعة بأنفسهم، حينها نصحح مسارهم بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالضرب والسب والتقليل والتهويل، وعندما يقع بهم بلاء لم لا نجعلهم يرون حكمة الله منه!

لقد جعلوا أولادهم مسلمون اسمًا وقولًا وليس فعلا.

يجب على كل أب و أم أن ينزلوا لمستوى فكر أبنائهم، ويقتحموا أغوارهم، يصاحبونهم و يعلمون من هم أصحابهم، أهم أصدقاء سوء أم خير لهم!

 

اجعلوهم زينتكم في الحياة الدنيا بأخلاقهم ودينهم، قوموا سلوكهم وعقيدتهم الدينة والأخلاقية، اجعلوهم على درب الرسول يسيرون، وبه يتشبهون، ولا يتخذون غيره قدوتهم ومعلمهم، فإن غرستم فيهم خلق محمدًا – وليس بعد خلق محمد خلقًا – غرستم فيهم ما لن يجعلهم يضلوا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ” تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي” فأما عن كتاب الله قد هجر، وأما عن سنته فقد تركت.

 

نهاية:

فلتنشؤا بكل بيت محمدًا، فلن يقع أبدًا بيت دعائمه محمدًا.

الاخبار العاجلة