« تدبر أية قرآنية » 

علي الشيخ2 أكتوبر 2020آخر تحديث :
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم : إسراء عبدالحفيظ 

حديثي اليوم عن قول الله عزو وجل في سورة النحل
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)

القرآن الكريم : هو المعجزة الخالدة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والمعجزة هي كما قال “التاج السبكي “في جمع الجوامع “أمر خارق للعادة ،مقرون بالتحدي مع عدم المقارنة”

القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته المحفوظ في الصدور .

فلكل نبي معجزة إلا أن القرآن الكريم معجزة دائمة ،ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تابعا يوم القيامة
استوقفتني آية
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ”

مهما أكتب وأبث عن ما يدور في عقلي من نعم الله فإنه لا يكفى بحر من الكلمات عن نعم الله سبحانه وتعالى فنعمه عز وجل لا تنتهي ولا يتداركها العقل البشري فنحن لا نحصها ولا نعدها إلا بعونه .

فلنتدبر قول الله تعالى
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ”
فهذا التدبر اكتبه بعد الإطلاع على التفسير
فلا يجوز إعمال خواطر القرآن الكريم
إلا بعد إطلاع من تفسير الأئمة كالسعدي وابن كثير والطبري وغيرهم رحمة الله عليهم

يقول الإمام السعدي رحمة الله عليه
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها فضلا عن قيامكم بشكرها إن الإنسان لظلوم كفار أي: هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه، كفار لنعم الله، لا يشكرها ولا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه، وعرف حق ربه وقام به.

ويقول الإمام الطبري رحمه الله

يقول تعالى ذكره : وإن تعدوا أيها الناس نعمة الله التي أنعمها عليكم لا تطيقوا إحصاء عددها والقيام بشكرها إلا بعون الله لكم عليها . ( إن الإنسان لظلوم كفار ) يقول : إن الإنسان الذي بدل نعمة الله كفرا لظلوم : يقول : لشاكر غير من أنعم عليه ، فهو بذلك من فعله واضع الشكر في غير موضعه ، وذلك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم واستحق عليه إخلاص العبادة له ، فعبد غيره وجعل له أندادا ليضل عن سبيله ، وذلك هو ظلمه ، وقوله : ( كفار ) يقول : هو جحود نعمة الله التي أنعم بها عليه لصرفه العبادة إلى غير من أنعم عليه ، وتركه طاعة من أنعم عليه .

ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله

وقوله : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) يخبر عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلا عن القيام بشكرها ، كما قال طلق بن حبيب – رحمه الله – : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد ، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين .

وفي صحيح البخاري : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يقول : ” اللهم ، لك الحمد غير مكفي ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ربنا ” .
هذه كانت تفاسير لبعض الأئمة المشهود لهم
أفهمنا شكر ربنا على نعمه؟
هيا بنا نكمل
من شكر النعم أن يعرف الإنسان ربه في حاليه: بؤسه ورخائه فيحمده على رخائه وعلى هين ابتلائه وأنه لم يصبه بما هو أعظم من أرزائه ويستقيم على طاعته في كلتا الحالتين ولا يكون ممن لا يعرف ربه إلا في الشدة والضنك ولا يرعى حقه ولا يؤدي واجبه فهذا على خطر عظيم ، وفيه صفة من صفات الكافرين قال تعالى : فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ {العنكبوت: 65 ـ 66 } وقال تعالى : وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {يونس: 12 } وقال تعالى : وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ {فصلت: 51 } إن المؤمن الصادق هو الذي يعرف ربه في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء ، ويكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لإبن عباس رضي الله عنهما في وصيته العظيمة : يا غلام أو يا غليم ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، فقلت: بلى فقال : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جف القلم بما هو كائن . أخرجه الإمام أحمد والطبراني وقال شعيب الأرناؤوط: صحيح

لك الحمد يا الله على نعمة الإسلام ، نعمة الجسد ،العافية نعمة إحيائنا بعد موتتنا الصغرى لك الحمد لإعطائنا مهلة لتكفير ذنوبنا الكثيرة التي لا تنتهي لكن رحمتك يا الله واسعة .
لك الحمد على توفيقي لكتابة تدبر هذه الأية لك الحمد على كل شيء .
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
فاللهم ماكان من توفيق فمنك وحدك وما كان من تقصير فمني ومن الشيطان.

الاخبار العاجلة