تعرف على « القتل الرحيم »

علي الشيخ24 سبتمبر 2020
تعرف على « القتل الرحيم »

كتب: بدور عاشور

يشاع في وسائل الإعلام قول “القتل الرحيم ” و ليس ” الموت الرحيم” لتلطيف وتبرير ذلك الفعل البشع، فهو جريمة لا يمكن تبريرها تحت أي مسمى أو دوافع إنسانية مهما كانت ، وهل يتساوى مفهوم القتل أي إنهاء حياة نفس بشرية -حرم الله قتلها، بفعل صاحبها أو بفعل آخر، مع مفهوم الرحمة أي الرقة والعطف والرأفة؟

كما يُعرف القتل الرحيم أيضاً بقتل الرحمة، وهو فعل أو مُمارسة تُؤدى للحدّ من آلام الأشخاص الذين يعانون من مرض مؤلم وغير قابل للشفاء، أو عجز في الجسد، مثل منع العلاج عن المريض مما يؤدي إلى موته ، قد يقرر الطبيب الذي يعالج المريض في حال معاناة المريض الشديدة بشكل قانوني عدم إطالة أمد الحياة، كما أنّه قد يُعطيه بعض الأدوية المُخدرة التي تخفف عنه الألم، الأمر الذي يؤدي إلى تقصير حياته.

و على الصعيد الأخر أثيرت تلك القضية مؤخرا رغم كونها قضية قديمة، في ظل تزايد عدد المرضى المصابين بأمراض مزمنة ميؤوس من شفائهم، بالإضافة إلى زيادة تكلفة العلاج ورغبة بعض المرضى أو رغبة ذويهم وأهلهم في إنهاء حياتهم بشكل سهل مريح، مما جعل 14 دولة في العالم تقوم بشرعنة القتل الرحيم وجعله عملا مباحا، ومعظمها دول أوروبية ومنها الدنمارك وإيطاليا فرنسا، بالإضافة إلى بعض الولايات الأمريكية ودولة واحدة في آسيا هي الهند.

حيث تعطي تلك القوانين والتشريعات الحق للأطباء والأفراد في إعطاء المريض جرعة قاتلة من دواء معد لذلك لتساعده على الموت المريح دون تحمل عذابات وعناء المرض، أو التوقف عن تقديم العلاج ونزع أجهزة الإنعاش أو مساعدة المريض على الانتحار، وغيرها من صور القتل المباشر وغير المباشر، وكلها جرائم في حق البشرية مهما أضفيت عليها المبررات القانونية وأنها وصية المريض وبإرادته أو لأهداف إنسانية.

و من جانبه رفضت معظم الطوائف المسيحية هذا النوع من القتل، ووصفت الكنيسة الكاثوليكية الأم في الفاتيكان إياه بأنه “عمل من أعمال القتل لا يمكن تبريره أو التسامح معه”.

كما أصدر الفاتيكان وثيقة جديدة بعنوان” السامري الصالح” وصفت المشرعين والساسة المؤيدين لمثل هذه القوانين بأنهم “متواطئون في ارتكاب جرائم وشركاء في خطيئة كبرى يرتكبها آخرون”.

وأوضحت الوثيقة: ” إن القتل الرحيم، عمل شرير في جوهره، في كل الأحوال والظروف، القتل الرحيم هو فعل من أفعال القتل لا يمكن لأي غاية أن تبرره”.

كما أفتت دار الإفتاء المصرية في الفتوى رقم (639/2004) بتحريم القتل الرحيم سواء كان انتحارا أو بأي صورة فهو قتل للنفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق، فهو حرامٌ شرعًا، بل من أكبر الكبائر؛ وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن النبي (ص) قوله: “إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا، فَلَمْ يَرْقَأ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ رَبُّكُمْ: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّة”.

من الجدير بالذكر إن ذلك النوع من القتل “القتل الرحيم” يتنافى مع تكريم الله للإنسان ورحمته به “وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا”. (النساء:29)، وتعظيم حرمة النفس البشرية وحفظها، وعدم الاعتداء عليها، مهما كانت التبريرات بالشفقة والرحمة، أفلا تعقلون؟.

الاخبار العاجلة