بقلم : إسلام يوسف
توقفنا فى حدثينا السابق عند عمليات حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل وكيف استطاع وحوش الجيش المصرى من تلقين العدو هزائم فادحة فى الأرواح والمعدات والإقتصاد ، وبدأ حديثنا اليوم فى الفترة ما قبل الحرب خصوصا مابين عام 1970-1973 نبدأها بمؤتمر السودان للجامعة العربية عام 1970الذى سمى بمؤتمر اللئات الثلاثة ( حق العرب فى استرداد اراضيهم – عدم التعاون مع المحتل – ضرورة الوحدة العربية ) ثم اعلن الرئيس جمال عبد الناصر اخيار السادات نائبا لرئيس الجمهورية ليحلف اليمين الدستورى امام الرئيس ولم يحالف الحظ لعبد الناصر الذى كان يخطط للاعداد للحرب فنتقل الى الرفيق الأعلى فى شهر سبتمبر عام 1970ليتولى السادات تقاليد الحكم وفق الدستور يعن نائب رئيس الجمهورية مكان رئيس الجمهورية فى حال تخلى الرئيس عن منصبه او موته .
ولكن أوضاع الداخل كانت فى منتهى الصعوبة لسيطرة الاتحاد الاشتراكى ومجموعة الوزراء على الحكم معتقدين ان الرئيس هو لعبة فى أيديهم فتم الضغط على السادات من خلال القاعدة الجماهيرية للاتحاد الاشتراكى بقيادة أعوان عبد الناصر منذ الثورة والذين كان لديهم عداوة نفسية مع السادات ابنان مجلس قيادة الثورة فتم قلب موازين الدفة عليهم باستقطاب السادات للشعب فى خطابة بمقر الاتحاد الاشتراكى بان عبد الناصر لم يمت وان كان جمال قد مات فانه هناك 40 مليون جمال عبد الناصر فهتفت الجماهير باسم السادات ولم يكتفوا بذلك بل وتآمروا للقلب على الحكم بمنع السادات من دخول البرلمان ودخول مبنى الاذاعة التليفزيون فاستعان بقائد الحرس الجمهورى ورتب الأوضاع فى حال نشوف خلاف مسلح للقضاء عليهم ، فلم تفلح الحيلة معهم لعلم السادات بما يخططوا له فقدموا استقالة جماعية للحكومة حتى يعملوا فراغ سياسى ويرضخ الرئيس لمطالبهم ولكن دهاء السادات اعمق من فكرهم فقبل الاستقالة وامر باعتقالهم جميعا وحيكموا بتهمة قلب نظام الحكم ما بين خمسة اعوام الى المؤبد .
وتم الامر باختيار حكومة جديدة اختيار وزير للدفاع لديه معلومات بخطط العدو بتم انتداب الفريق أحمد اسماعيل مدير المخابرات الحربية لقيادة القوات المسلحة لتبدأ واحدة من اشرس عمليات اعداد القوات تدريبيا وتكتيكيا فتم عمل خط برليف مصرى بارتفاع 27متر لتدريب القوات على التسلق الخط ، وامداد القادة المجموعات بمعلومات حول تحصينات الخط واماكن الدفاعية والمخابىء والكتل العسكرية الممتدة على خط القناة بالضفة الشرقية ، وكانت هناك تحالف مصرى سورى فى دولة الجمهورية العربية المشتركة من عام 1979الى نهاية عام 1971اى استمرت مايقرب من ثلاثة سنوات استطاعت الدولتين ان تربط الهدف المشترك بينهم فى تحرير الارض المحتلة وبناء الخطة الإستراتيجية لتمهيد الحرب والتاريخ شاهد على عمق التحالف المصرى الشامى فى جيوش بنى أمية فى الدولة الأموية وجيوش العباسيين والأيوبين فى الانتصار على الصليبين والمماليك فى الانتصار على التتار فكان معظم جيش العرب من المصرين والشام فهناك وزع الإسلام على ثلاثة أماكن السعودية الدعوة الدين والشام عمود النصر وصلابة الرجال ومصر الدبابات البشرية من سواعد الأسود المصرية فهم فى ارباط الى يوم القيامة وهم وحوش الارض كما قالت التوراة ، فاستطاع تلك التحالف من توطيد العلاقة بين الدولة المصرية السورية من زيارات وزير الدفاع السورى للقاهرة والاطلاع على اخر الاستعدادات وزيارة وزير الدفاع المصرى الى سوريا للاطلاع على المعلومات حول تمركزات العدو فى الجولان .
فماذا فعلت اسرائيل فى الستة اعوام التى احتل فيها سيناء والجولان عملت على استخراج بترول سيناء والحصول على المياة الجوفية عبر المضخات التى انشاتها وعملت تحصينات ومخابىء اشبه بالمستوطنات فى فلسطين كحلم منهم انهم استقروا فى تلك الأرض بعد بناءهم لخط بارليف الذى امتد على ساحل القناة ومحاولة اقتحامه مستحيلة وملىء القناة بالنابلم الحارق وتامين التحصينات بمراقبة بشرية وحيوانية بالكلاب البوليسية حتى اذا ما حدث هجوم يتم النباح لاستقاظ ابراج المراقبة وصفارات الانزار لتبيغ القيادة الإسرائيلية أن هناك هجوم مصرى ، وقد قلنا ان القيادة العسكرية الأوروبية قالت ان محاولة عبور القناة واقتحام خط برليف سيكلف المصريين 500الف جندى ولا حل لضرب الخط إلا بالقنبلة الذرية وهكذا اعتقدوا ، ثم فى الجانب السورى السيطرة على بحيرة طبارية وعمل تحصينات داخل الجولان ومخابىء ودشم عسكرية للدفاع فى حالة الهجوم .
ثم بدات خطة الخداع الكبرى عن طريق عدة طرق :
أولها الخداع الهجوم الهومى وأنه استحالة التفكير فى الاقتحام وذلك عن طريق استدعاء الاحياط بالكامل والتحرك نحو مدن القناة والاحتشاد امام الضفة الغربية التى كانت القوات المصرية تتمركز فيها ثم يتم عملية الانسحاب حتى وان كانت مكلفة اقتصاديا الا أن لها هدف بعد نظر وهو ايهام العدو أنه لا وجود للحرب وأن السادات والجيش المصرى يهزر كل ومرة يتم الحشد ثم الترجع ، وكان عند الجانب الاسرائيلى احتشاد ايضا فى الاحتياط وخطة ومعدات واقتصاد كان يدفع فى حالة احتشاد القوة باكملها حدث مرتين فى عام 1971,ثم عام 1972 .
الخطة الثانية خطابات السادات أن عام 1970سيكون الحسم وان عام 1971سيكون عام مصيرى وان عام 1972,هو عام الفصل والنضال المسلح فتاكد للقيادة الإسرائيلية أن السادات يغازل بقرار الحرب فقط ولا يملك خيار الهجوم .
الخطة الثالثة المظاهرات التى كانت تفتعل فى الشارع المصرى حتى تغطى الصحافة الأوروبية والأمريكية أن الدولة غير مستقرة فكيف لها أن تدخل الحرب .
الخطة الثالثة والطبل والرقص للجنود على الجبهة ومص القصب والغناء ولعب السيجدة والضحك هل هؤلاء جنود سيدخلون ارض المعركة لاقتحام القناة ؟!!
الخطة الرابعة شراء طفيات حرائق لتجنب اندلاع المظاهرات والحرائق الشعب الغاضب من عدم التحرير الأرض كيف سيحارب ويشترى طفيات حرائق ؟!!
الخطة الخامسة سحب الغطاء الاستراتيجى للقمح من المخازن وعمل ازمة داخلية كيف لدولة ستدخل حربا ولا يوجد غذاء للشعب يكفيه مدة الحرب ؟!!
الخطة السادسة : اعطاء اجازات لجميع ضباط الجيش من رتبة عقيد فيما ادنى وطلب سفر بعض قيادات القوات المسلحة لاداء العمرة فى شهر رمضان ونزول الاسماء فى جريدة الجمهورية بناء على تصديق القائد العام رئيس الجمهورية كيف لجيش سيحارب وقيادة جيشه ذاهبة للعمرة ؟!!
الخطة السابعة الاجتماع فى فندق غناء ورقص لقادة القوات المسلحة كيف لهم ان يدبروا حربا ويحضرون حفلات الغناء والرقص اكيد بيهرجوا ولا نية للحرب ؟!!!
الخطة الثامنة سحب معظم القوات غرب القناة والاكتفاء بعدة سرايا المتركزة على الضفة ؟ هل هؤلاء هم سيعبرون اذا لا يوجد جيش لمواجهنا والمصريين لن يكرروا الهزيمة التى حدثت لهم مرة اخرى ؟!!
اخيرا قال احد جنيرالات القوات المسلحة للسادات عام 1972أن وضع القوات على كامل الاستعداد للحرب وان لم نحارب الآن ستكون النتائج مخيفة ولم يكن قد تم وضع الترتيبات على اكمل وجه فإن اعطت اشارة الحرب دون التخطيط المسبق لها فان النتائج ستكون وخيمة وخصوصا فى حالة الهزيمة لن تستمر بناء القوات المسلحة إلا بعد خمسين عاما وضياع الدولة اقتصاديا للامكانيات التى صرفت على المعدات الحربية والتجنيد الاحتياط لمدة خمسة أعوام هنا ادرك السادات والقيادة العليا أن التأنى من الحكمة حتى يتم ترتيب الوضع الداخلى .
وإلى اللقاء القادم مع الخطة الإستراتيجية العربية الكاملة للتمهيد للخطة الكبرى وتحديد ساعة الصفر .