أحمد زارع: مبادرة “المرأة تشارك” تؤكد أنَّ المرأة الأزهرية قادرة على خوض ساحة الإعلام بثقة (حوار)

إسراء عبد الحافظ24 سبتمبر 2025
أحمد زارع

في رحاب جامعة الأزهر، حيث يلتقي العلم العميق مع رسالته الخالدة، انطلقت الفعالية الثانية من مبادرة «المرأة تشارك» لتفتح نافذة جديدة أمام طالبات الإعلام، وتعلن أن التمكين لا يُصنع بالشعارات بل بالوعي والمعرفة والممارسة.

جاءت الفعالية تحت رعاية فضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داود رئيس الجامعة، وبقيادة الدكتورة ولاء العقاد عميدة كلية الإعلام بنات، التي عُرفت بقدرتها على الجمع بين حزم الإدارة وعمق الرؤية، واضعة نصب عينيها هدفًا واحدًا: إعداد إعلاميات قادرات على المنافسة والفعل والتأثير.

حوار الانطلاقة نيوز مع الدكتور أحمد زارع

في هذا الإطار، كان لنا هذا الحوار الخاص مع الدكتور أحمد زارع، أستاذ الصحافة بكلية الدراسات العليا والمستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لجامعة الأزهر، الذي قدّم رؤية ثرية تتجاوز حدود السؤال لتضيء ملامح الطريق أمام الإعلاميين والإعلاميات على حد سواء، وإلى نص الحوار:

كيف تقيّمون مبادرة «المرأة تشارك»؟ وهل هي كافية لتغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام؟

هي بداية تبعث على الأمل وتؤكد أن المرأة الأزهرية قادرة على خوض ساحة الإعلام بثقة. لكنها في الوقت نفسه خطوة أولى على طريق طويل يحتاج إلى مبادرات متتابعة، وخطط عملية تُترجم النقاش إلى واقع. التغيير الحقيقي لا يحدث بفعالية واحدة، بل بعمل تراكمي يصنع تيارًا فكريًا دائمًا يُعيد رسم صورة المرأة بعيدًا عن النمطية والسطحية.

من خلال مشاركتكم، هل لمستم وعيًا متناميًا لدى الطالبات بدور المرأة في الإعلام والمجتمع؟

نعم، رأيت ومضات وعي مبهجة في عيون الطالبات، وحرصًا على الفهم والتحليل. لكن الوعي وحده لا يكفي؛ فهو يحتاج إلى وقود الثقافة العميقة والتدريب المستمر. على كل طالبة أن توسع مداركها بقراءة شاملة، وأن تتابع قضايا الإعلام محليًا وعالميًا لتبني شخصية مهنية تعرف كيف تُحاور وتؤثر.

هناك من يتخوف من تعارض بين قيمنا الدينية وحرية المرأة في التعبير والمشاركة.. ما تعليقكم؟

هذا التخوف مجرد وهم. تاريخنا الإسلامي زاخر بنماذج نسائية راقية؛ أمهات المؤمنين رضي الله عنهن شاركن في الحوار وصناعة القرار، بل وأثرن في مسار المجتمع. المرأة المسلمة تستطيع أن تجمع بين الحفاظ على الهوية الدينية والمشاركة الفاعلة في كل مجالات الحياة دون أدنى تعارض.

يتهم البعض الإعلام باستغلال قضايا المرأة كـ«ترند» لجذب المشاهدات، كيف نواجه هذا التناول السطحي؟

أحمد زارع: أول ما نحتاجه هو التحرر من التبعية للنماذج الغربية التي تفرغ قضايا المرأة من مضمونها. علينا أن نبني إعلامًا ينبت من تربة ثقافتنا ومجتمعنا.

وهنا يأتي دور الدراما المصرية التي تمتلك قدرة هائلة على تشكيل الوعي. المطلوب أن تنتقل الدراما من تقليد النماذج المستوردة إلى تقديم قصص واقعية تُبرز نجاحات المرأة المصرية والعربية في مجالات العمل والقيادة والفكر. حين تنقل الدراما هذه النماذج بصدق ومسؤولية، تتحول من أداة استهلاكية إلى قوة تغيير ثقافي تعزز مكانة المرأة وتدعم جهود التمكين المجتمعي والفكري في آن واحد.

مع تسارع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كيف يمكن للإعلام أن يحمي قضايا المرأة من التهميش؟

هذا يحتاج إلى دراسات علمية واستراتيجيات دقيقة. التكنولوجيا ليست عدوًا، بل فرصة إذا أحسنا استخدامها. المطلوب إعداد كوادر إعلامية شابة تتقن أدوات العصر وتعرف كيف توظفها لتقديم قضايا المرأة بلغة عصرية مؤثرة، تحافظ على القيم وتصل إلى الجمهور في الوقت نفسه.

ما أهم المهارات التي يجب أن تكتسبها طالبة الإعلام لتصبح صوتًا مؤثرًا في المجتمع؟

أحمد زارع: الثقافة الواسعة هي البداية. ثم إتقان اللغة العربية بإبداع، والقدرة على التعبير باللغات الأجنبية. يلي ذلك التدريب العملي المستمر الذي يصقل الموهبة ويحفظ المهنية. الإعلامية الناجحة هي من تجمع بين العقل المفكر واللسان المبين والأخلاق الراسخة.

بعض المؤسسات الإعلامية تكتفي بإبراز المرأة في مناسبات احتفالية دون دعم حقيقي، كيف ترون ذلك؟

أحمد زارع: هذا قصور خطير يضر بوعي المجتمع. لا يكفي ظهور المرأة على الشاشات في الأعياد أو الاحتفالات، بل لا بد من استراتيجيات دعم حقيقية، ومن تعيين قيادات واعية تدرك ثقافتنا الإسلامية والعربية، لتتحول المؤسسات الإعلامية إلى منصات تمكين حقيقي ترفع مستوى الأمة وتدعم مسيرتها.»

وأخيرًا.. ما الدور الذي يؤديه الأزهر الشريف في دعم المرأة الإعلامية وحمايتها من التحديات؟

أحمد زارع: الأزهر هو حارس الهوية وضمير الأمة. يقوم بدور مزدوج: أولًا، نشر الوعي الديني الصحيح الذي يحمي المرأة من الاستغلال، وثانيًا، تأهيلها علميًا وفكريًا من خلال التعليم والتدريب ليكون لديها السند العلمي والأخلاقي الذي يمكّنها من خوض غمار الإعلام الحديث بثقة واقتدار. الأزهر لا يمنح شهادة فقط، بل يمنح هوية فكرية وقيمية تجعل المرأة الإعلامية قوية في ميدانها، راسخة في انتمائها.

تؤكد مبادرة «المرأة تشارك» أن تمكين المرأة ليس شعارًا يُرفع بل مسارًا يُبنى. وبجهود الدكتورة ولاء العقاد، ودعم الأزهر الشريف، تتحول كلية الإعلام بجامعة الأزهر إلى منبر يُخرّج إعلاميات واعيات يجمعن بين أصالة القيم وجرأة التجديد، ليقدمن نموذجًا يليق بتاريخ الأزهر ودوره في صناعة الكلمة والتأثير.