حديث و تفسير

علي الشيخ17 نوفمبر 2020
حديث و تفسير

كتب: مجدي درويش

روى مسلم (٢٥٧٧) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَعَلى آله وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ :

« يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ » .

قال الحافظ النووي – رحمه الله تعالى :

” مَعْنَاهُ : لَا يُنْقِصُ شَيْئًا أَصْلًا ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( لَا يَغِيضُهَا نَفَقَة ٌ) أَي : لَا يَنْقُصُهَا نَفَقَةٌ ، لِأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَا يَدْخُلُهُ نَقْصٌ … فَضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْمِخْيَطِ فِي الْبَحْرِ، لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْقِلَّةِ ، وَالْمَقْصُودُ التَّقْرِيبُ إِلَى الْإِفْهَامِ بِمَا شَاهَدُوهُ، فَإِنَّ الْبَحْرَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَرْئِيَّاتِ عَيَانًا وَأَكْبَرِهَا، وَالْإِبْرَةُ مِنْ أَصْغَرِ الْمَوْجُودَاتِ، مَعَ أَنَّهَا صَقِيلَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَاءٌ “،انتهى من |”شرح النووي على مسلم”(١٦/١٣٣) |.

وقال الحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى :

” وَقَوْلُهُ: « لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ » تَحْقِيقٌ، لِأَنَّ مَا عِنْدَهُ لَا يَنْقُصُ الْبَتَّةَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ }(سورة النحل٩٦)، فَإِنَّ الْبَحْرَ إِذَا غُمِسَ فِيهِ إِبْرَةٌ، ثُمَّ أُخْرِجَتْ لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الْبَحْرِ بِذَلِكَ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْهُ عُصْفُورٌ مَثَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُ الْبَحْرَ الْبَتَّةَ ، وَلِهَذَا ضَرَبَ الْخَضِرُ لِمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ هَذَا الْمَثَلَ فِي نِسْبَةِ عِلْمِهِمَا إِلَى عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فقال له: « مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ »، وَهَذَا لِأَنَّ الْبَحْرَ لَا يَزَالُ تَمُدُّهُ مِيَاهُ الدُّنْيَا وَأَنْهَارُهَا الْجَارِيَةُ، فَمَهْمَا أُخِذَ مِنْهُ لَمْ يَنْقُصْهُ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ يَمُدُّهُ مَا هُوَ أَزْيَدُ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُ “،انتهى من |”جامع العلوم والحكم” (٢/٤٩) |

وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله :

” ولننظر إلى المخيط غمس في البحر، فإذا نزعته لا ينقص البحر شيئا أبدا، ومثل هذه الصيغة يؤتى بها للمبالغة في عدم النقص، لأن عدم نقص البحر في مثل هذه الصورة أمر معلوم، فمستحيل أنّ البحر ينقص بهذا، فمستحيل أيضا أن الله عز وجل ينقص ملكه إذا قام كل إنسان من الإنس والجن، فقاموا فسألوا الله تعالى ، فأعطى كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك من ملكه شيئا “،انتهى من |”مجموع فتاوى ابن عثيمين”(٨/ ٢٥٠).

الاخبار العاجلة