مؤخرًا، انتشرت ممارسة التخبيب في الإسلام التي تهدد الاستقرار الأسري بين الأزواج بسبب سلوك يتضمن تضليل الزوج ضد زوجته، أو العكس، أي استغلال المشكلات المحتملة وتحريض الطرفين على الانفصال أو طلب الطلاق، وهذا الفعل يُعرف ب “التخبيب”، وهو مصطلح بات يثير تساؤلات الناس حول معناه والعقوبة المترتبة عليه، إذ لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد معدلات الطلاق بشكل واضح، وبات “الإغواء” أحد الأسباب الجوهرية للانفصال والانفكاك، حيث يجتهد المغرضون في تخريب العلاقة بين الرجل وزوجته أو العكس، رغم أنه محظور في كافة الديانات الإلهية تعكير صفو الزوجين وبث المشاكل والكره بينهم.
وفي السطور التالية ترصد لكم “الانطلاقة نيوز” كل ماتريد معرفته عن ممارسة التخبيب في الإسلام وما حكمه وعقوبته.
ما هي ممارسة التخبيب؟
التخيب يعني إفساد الزوجة لزوجها أو العكس يُعدّ عملًا مرفوضًا ومنافيًا للأخلاق، ويؤدي إلى مشاكل جمَّة. ” جلب الفتنة للمرأة ضد زوجها بتحريضها على طلب الطلاق وغيره” وبشأن السؤال حول ماهية الفتنة وعقوبتها، يظهر أنها خطيئة كبيرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ».
نرشح لك: أول رد من الأزهر على إبراهيم عيسى بشأن إنكاره للمعراج: “مسلمات لا نقبل الخوض فيها مُطلقًا”
أشار نص في صحيح مسلم يذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ»، وهذا يبين معنى التخبيب وما عقوبته.
ممارسة التخبيب من عمل الشيطان
ممارسة التخبيب في العلاقات الزوجية وعواقبه هو عمل يشعر الشيطان بسببه بسعادة غامرة، وقد ورد في الأحاديث النبوية المباركة، عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ..»، لذا يجب على الشخص أن يكون حذرًا بشأن أقواله التي يمكن أن تسبب تدمير زواج رجل وامرأة، وتنتهي بها إلى الطلاق، وقد ذهب المالكيين إلى أن الزواج من المرأة التي ساهم الرجل في طلاقها من خلال تخريب علاقتها بزوجها لا يصح كزواج، كعقوبة للمفسد ومعاملة له بطريقة تخالف ما كان يقصده، وذلك بناءً على الحديث عن “السماح”.
حين تقع مشكلات زوجية بين الشريكين ويعلم بها أحد الأطراف، يسعى لاستغلالها بغرض تخريب الروابط الزوجية مما قد يؤدي إلى الطلاق، ويوجد من يقوم باستغلال هذه الأزمات بهدف تدمير العلاقة ليتمكن من إقامة علاقة زواجية مع أحد الأطراف، سواء أكانت امرأة أم رجلًا.
عقوبة ممارسة التخبيب
أوضح خبراء الفقه والتشريع أن الإكراه على السجن ضروري بهدف التأديب، لأن الفرد يسبب الفساد في المجتمع، ومن أجل الحد من هذا الفساد يعد السجن ضروريًا، هكذا صرح أستاذ في الشريعة الإسلامية، لافتًا إلى أن التخبيب هو تصرف يتعارض مع القيم الإنسانية والاجتماعية ومقتضيات الشريعة.
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم«لعن الله من خبب امرأة على زوجها ولعن الله من خبب رجل على إمرأته»، وهذه الإشارة تحرم وتبين خطورة جرم التسبب في انهدام العلاقات الزوجية المعروف بـ “التخبيب”، وهو ذنب كبير جدًا، فالتشريع الإسلامي يمنع بصراحة من القيام بفعل “التخبيب” الذي يعني إفساد الزوجة تجاه زوجها أو العكس.
التخبيب من الكبائر
ورد حديثٍ نبوي يخبرنا قوله صلوات الله وسلامه عليه:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ غِرٌّ كَرِيمٌ وَإِنَّ الْفَاجِرَ خَبٌّ لَئِيمٌ»، وعليه من يمكر بزوجة لإفساد علاقتها بزوجها وعائلتها ويحرّضها على طلب الطلاق أو يكون سببًا في ذلك، إنما يرتكب جرمًا جسيمًا من الجرائم الكبرى التي ينبغي عدم الاستهانة بها.
العقوبات المتعلقة بجريمة التخبيب ضمن القوانين العربية
في التشريعات الدول العربية، لم يتم تناول قضية التخبيب إلا في ثلاث منها وهي: السعودية، الكويت والأردن، في المملكة العربية السعودية، يرى المُشرِّع هذا الفعل كجرم خطير يستوجب عقوبات صارمة وفق القانون، حيث يُصنَّف ضمن الجرائم الجنائية، العقوبة المقررة هي السجن مع التعزير، وهي مشتقة من مبادئ الشريعة الإسلامية، مما يجعل قرار العقوبة في نهاية المطاف يعود لتقدير القاضي المسؤول عن النظر في القضية.
وفق القانون الكويتي ذي الصلة بالأحوال الشخصية، وكما هو مذكور في المادة 23، فإنه لا يسمح لرجل أغرى امرأة بالتحول عن زوجها بالزواج منها إلا إذا عادت إليه أولًا ليطلقها أو حتى يتوفى، وبيّنت الكويت الأسباب وراء إقرار هذا القانون، مشيرة إلى أن إثارة النزاعات بين الزوجة وزوجها تُعد من أسوأ الأمور، سواء عبر استمالة الزوجة بالمال أو بعرض الزواج أو بوسائل أخرى دنيئة، تجبر الزوجة على الانفصال عن زوجها والتوجه نحو رجل آخر، وكان الغرض من وراء ذلك القانون هو الدفاع عن استقرار الأسرة المسلمة وحفظ أمانها.
في القانون الجزائي الأردني، يوجد مادة تعاقب كل من يحرض امرأة، سواء كانت متزوجة أم لا، على أن تغادر منزلها من أجل الالتحاق برجل آخر لا تعرفه، أو يسيء إلى علاقتها بزوجها ويُضعف العلاقة الزوجية، بعقوبة السجن لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
الأسئلة الشائعة:
هل يغفر الله التخبيب؟
إن قيام الصديق بإغواء المرأة المتزوجة وإفساد علاقتها الزوجية أمر مرفوض ووصف بالشناعة، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من هذا الفعل، وطالب بالتوبة منه إلى الله. بالرغم من أن عقد الزواج يبقى صالحًا، إلا أن على المتورط الندم والرجوع إلى الله، وإذا حدث وأن تزوجها بعد انتهاء العدة فلا توجد مخالفة شرعية، لكن تبقى الخطيئة ملازمة له ولها، ويتوجب على الطرفين التوبة إلى الله من هذا الذنب.
هل المخبب ملعون؟
قال النبي الكريم ﷺ “ملعونٌ من خبّب امرأة على زوجها” ويعتبر التفسيد هنا معنى للتخبيب، وهو ما يتجلى في إظهار بعض الناس على منصات التواصل الاجتماعي لنمط حياة يتضمن الافتخار بنوعية الملبس أو الطعام، أو أي من التصرفات التي قد تضيف أعباءً ثقيلة على عاتق الأزواج.
وفي السطور السابقة، قد رصدنا لكم” الانطلاقة نيوز” ممارسة التخبيب في الإسلام، وما حكمه وعقوبته، نتمنى لكم قراءة ممتعة.