وبحسب بيان الرئاسة التركية، فإن أردوغان أكد لنظيره الكازاخي قاسم توكاييف، متابعة أنقرة للتطورات الجارية، وأعرب عن تضامن بلاده مع كازاخستان.
وذكر البيان أن الرئيس أكد أن استقرار وأمن كازاخستان مهم للمنطقة بأسرها، وخاصة جيرانها، معرباً عن ثقته “بقدرة كازاخستان الشقيقة على تجاوز هذه المشكلة عبر الحوار”.
أنقرة تمنح الأولوية الكبرى للسلام والاستقرار والرفاهية في كازاخستان
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، قد أكد أن “أنقرة تمنح الأولوية الكبرى للسلام والاستقرار والرفاهية في كازاخستان”.
وأعرب في تغريدة عبر تويتر، يوم الخميس، عن بالغ حزنه جراء سقوط ضحايا في الأحداث التي تشهدها البلاد.
هذا الموقف التركي الرسمي يعبر، حسب بعض المحللين، عن تسليم أنقرة بالأمر الواقع الذي آلت إليه الأمور، بسبب سرعة تفاعل روسيا مع الحدث الكازاخي، خاصة وهي تدرك أن تركيا تترقب لاقتناص أي فرصة من أجل تعزيز حضورها في آسيا الوسطى.
أمر يؤكد عليه المحلل المتخصص بالشؤون التركية عمر كوش، الذي يقول لـ”أورينت نت”: الموقف التركي اتسم بداية بالتريث، ثم مال بشكل كامل لصالح الحكومة والرئيس الكازاخستاني، لأن هناك علاقات سياسية واقتصادية وطيدة بين البلدين، إضافة إلى الروابط الثقافية، خاصة أن كازاخستان من الدول الهامة في تجمع “المجلس التركي”.
ويضيف: تركيا التي كانت تأمل بلا شك بالاستفادة من الموقف، أحرجها الدخول السريع والقوي لروسيا، التي لن يكون سهلاً مغادرتها كازاخستان رغم إعلانها أن وجودها سيدوم لأسابيع فقط، خاصة وأن نواياها واضحة في ضرورة استعادة الهيمنة على دول الاتحاد السوفياتي السابق، سواء في أوروبا الشرقية أو آسيا الوسطى، وفي هذه المنطقة فإن المنافس القوي الوحيد لها تركيا.
وحول إمكانية أن يعمل رئيس كازاخستان الحالي على التقارب مع تركيا إذا ما استتبت له الأمور يقول كوش: صحيح أن نزار باييف، الرئيس السابق لكازاخستان، غادر البلاد، لكن من غير المؤكد أن هذا سيكون كافياً للقول إن نفوذه داخل أركان الدولة والنظام قد انتهى، فهو من صنع هذا النظام وأسس الدولة بشكلها الحالي منذ الإنفصال عن الإتحاد السوفياتي عام ١٩٩١، كما أنه يسيطر على الأمن والجيش والاقتصاد، وبالتالي رغم أن الأمور جاءت بصالح الرئيس توكاييف، إلا أنه لا يمكن القول إنها حسمت تماماً.
والواقع فإن التعويل على إمكانية خروج قاسم توكاييف من عباءة موسكو بهذه السهولة احتمال ضعيف، فكازاخستان دولة شديدة الأهمية بالنسبة لروسيا، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن أكبر قاعدة روسية لإطلاق صواريخ الفضاء موجودة في هذا البلد.
ولذلك فإن كوش يرى أن الرئيس السابق نزار باييف، وهو الأقوى والأكثر سيطرة و تحكماً بالبلاد، لم يتمكن من التخلص من النفوذ الروسي، رغم أنه أقام علاقات اقتصادية قوية مع الصين، وفتح الباب أمام الاستثمارات الغربية، وطور العلاقات بشكل واضح مع تركيا، وكل ذلك لإحداث توازن في العلاقة مع موسكو، إلا أنه بالنهاية ظل محكوماً للواقع الجيواستراتيجي.
ومع ذلك فإنه لا يمكن، حسب كثير من المراقبين، أن تسلم تركيا بهذه المعادلة تماماً، لكن إلى أي حد يمكن أن تسمح روسيا بحصول أنقرة على مساحة لعب جديدة في مناطق ذات حساسية كبيرة بالنسبة لها، خاصة وأن معظم التقديرات تشير إلى أن موسكو قطعت كل الطرق بتحركها الفوري بكازاخستان؟
سؤال يجيب عليه الخبير في الشؤون الروسية محمود الحمزة بالقول إن “تدخل موسكو المباشر والسريع في كازاخستان يعتبر طبيعياً، لكنه لم يحسم الأمور لصالحها تماماً في هذا البلد، بالنظر إلى أن الرئيس الحالي ليس مرتهناً للروس كما كان سلفه”، مؤكداً أن فرص تركيا هناك “ما تزال قائمة”.
ويقول في حديثه لـ”أورينت نت”: تركيا منافس حقيقي لروسيا في هذه المنطقة الحيوية، من خلال منظمة مجموعة الدول ذات الأصول التركية، ورغم أن الأمر معقد لكن لا أعتقد أن أنقرة ستتخلى عن مصالحها في كازاخستان، وعلى أردوغان التأثير على توكاييف و إنقاذه من الهيمنة الروسية قبل أن تحسم موسكو الأمور تماماً.
ويضيف: الأمور اليوم باتت بيد الرئيس توكاييف، وأعتقد أنه بعد فترة سيكشر عن أنيابه بعد أن كان نزار باييف مهيمناً، وعندما يستقر الوضع يستطيع توكاييف أن يطلب خروج قوات منظمة إتفاقية الأمن الجماعي.