طلب الرئيس كازاخستاني من روسيا الدخول العسكري وقام بدخول القوات من الأمن الجماعي على أراضي كازخستانية وفتح جبهة قوية ضد أوكرانيا في الصراع الروسي الأوكراني.
تعرف على فرص تركيا في كازخستان بعد دخول روسيا والسيطرة على كازخستان
وفكر بوتين تكوين الدولة القيصرية الكبرى التي تضم جورجيا واوزبكستان و تركمان وفتح جبهة ضد منظمة الدول التركية.
بينما أرسلت روسيا على الفور الآلاف من قوات الجيش إلى كازاخستان لدعم السلطات بوجه الإنتفاضة الشعبية، دعت تركيا إلى اجتماع لوزراء خارجية منظمة الدول التركية في 11 كانون الثاني/يناير الحالي لبحث التطورات هناك، الأمر الذي يرى فيه البعض تسليماً من قبل أنقرة بالنفوذ الروسي في هذا البلد، بينما يرى آخرون أن طموحات تركيا لا يمكن القول إنها انتهت بهذه السهولة.
لا شك أن أنقرة عوّلت مع تفجر الأوضاع في كازاخستان على ما يمكن أن تمنحه لها المنظمة التي تضم الدول الناطقة باللغة التركية من فرص.
المقر الرئيسي لمنظمة الدول التركية
ويقع المقر الرئيسي لمنظمة الدول التركية بإسطنبول، وتضم كلاً من (تركيا، أذربيجان، كازاخستان، قرغيزيا وأوزبكستان)، إلى جانب المجر وتركمانستان بصفتهما مراقب، وتتولى تركيا حالياً الرئاسة الدورية لها.
وتأسست المنظمة (المجلس التركي سابقاً) في أكتوبر/ تشرين الأول 2009، بهدف “تطوير التعاون بين الدول الناطقة بالتركية في العديد من المجالات”.
لكن من الواضح أن طموحات أنقرة من تأسيس هذه المنظمة قبل اثني عشر عاماً باتت حالياً أقل مما كانت عليه، مع استعادة روسيا الكثير من فاعليتها التي كانت تفتقدها في تلك الفترة.
ورغم أن جميع الدول التي تضمها المنظمة يتحدث غالبية سكانها اللغة التركية أو لغات مشتقة منها، كما تدين الأكثرية فيها بالإسلام، إلا أن أنظمتها حليفة قوية لموسكو، منذ تفكك الإتحاد السوفياتي قبل أكثر من ثلاثة عقود، باستثناء أذربيجان.
تعرف على كازاخستان وعدد سكانها
ويبلغ عدد سكان كازاخستان 18 مليون نسمة، نحو ستين بالمئة منهم من أصول تركية، بينما يوجد أربعة ملايين مواطن من القومية الروسية، وهي جزء من منظمة معاهدة “الأمن الجماعي” التي تهيمن عليها روسيا.
و بالاستناد إلى ميثاق هذه المنظمة التي تأسست عام ١٩٩٢، بادرت موسكو إلى إرسال أكثر من ٥ آلاف من قواتها إلى هذا البلد الذي يعاني سكانه من الفقر رغم أنها دولة غنية بالنفط، مما أدى إلى الإنتفاضة الشعبية الأخيرة احتجاجاً على رفع أسعار الغاز.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد بحث يوم الخميس مع زعماء الدول الأعضاء في منظمة الدول التركية، التطورات الجارية في كازاخستان.
وبحسب بيان الرئاسة التركية، فإن أردوغان أكد لنظيره الكازاخي قاسم توكاييف، متابعة أنقرة للتطورات الجارية، وأعرب عن تضامن بلاده مع كازاخستان.
وذكر البيان أن الرئيس أكد أن استقرار وأمن كازاخستان مهم للمنطقة بأسرها، وخاصة جيرانها، معرباً عن ثقته “بقدرة كازاخستان الشقيقة على تجاوز هذه المشكلة عبر الحوار”.
أنقرة تمنح الأولوية الكبرى للسلام والاستقرار والرفاهية في كازاخستان
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، قد أكد أن “أنقرة تمنح الأولوية الكبرى للسلام والاستقرار والرفاهية في كازاخستان”.
وأعرب في تغريدة عبر تويتر، يوم الخميس، عن بالغ حزنه جراء سقوط ضحايا في الأحداث التي تشهدها البلاد.
هذا الموقف التركي الرسمي يعبر، حسب بعض المحللين، عن تسليم أنقرة بالأمر الواقع الذي آلت إليه الأمور، بسبب سرعة تفاعل روسيا مع الحدث الكازاخي، خاصة وهي تدرك أن تركيا تترقب لاقتناص أي فرصة من أجل تعزيز حضورها في آسيا الوسطى.
أمر يؤكد عليه المحلل المتخصص بالشؤون التركية عمر كوش، الذي يقول لـ”أورينت نت”: الموقف التركي اتسم بداية بالتريث، ثم مال بشكل كامل لصالح الحكومة والرئيس الكازاخستاني، لأن هناك علاقات سياسية واقتصادية وطيدة بين البلدين، إضافة إلى الروابط الثقافية، خاصة أن كازاخستان من الدول الهامة في تجمع “المجلس التركي”.
ويضيف: تركيا التي كانت تأمل بلا شك بالاستفادة من الموقف، أحرجها الدخول السريع والقوي لروسيا، التي لن يكون سهلاً مغادرتها كازاخستان رغم إعلانها أن وجودها سيدوم لأسابيع فقط، خاصة وأن نواياها واضحة في ضرورة استعادة الهيمنة على دول الاتحاد السوفياتي السابق، سواء في أوروبا الشرقية أو آسيا الوسطى، وفي هذه المنطقة فإن المنافس القوي الوحيد لها تركيا.
وحول إمكانية أن يعمل رئيس كازاخستان الحالي على التقارب مع تركيا إذا ما استتبت له الأمور يقول كوش: صحيح أن نزار باييف، الرئيس السابق لكازاخستان، غادر البلاد، لكن من غير المؤكد أن هذا سيكون كافياً للقول إن نفوذه داخل أركان الدولة والنظام قد انتهى، فهو من صنع هذا النظام وأسس الدولة بشكلها الحالي منذ الإنفصال عن الإتحاد السوفياتي عام ١٩٩١، كما أنه يسيطر على الأمن والجيش والاقتصاد، وبالتالي رغم أن الأمور جاءت بصالح الرئيس توكاييف، إلا أنه لا يمكن القول إنها حسمت تماماً.
والواقع فإن التعويل على إمكانية خروج قاسم توكاييف من عباءة موسكو بهذه السهولة احتمال ضعيف، فكازاخستان دولة شديدة الأهمية بالنسبة لروسيا، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن أكبر قاعدة روسية لإطلاق صواريخ الفضاء موجودة في هذا البلد.
ولذلك فإن كوش يرى أن الرئيس السابق نزار باييف، وهو الأقوى والأكثر سيطرة و تحكماً بالبلاد، لم يتمكن من التخلص من النفوذ الروسي، رغم أنه أقام علاقات اقتصادية قوية مع الصين، وفتح الباب أمام الاستثمارات الغربية، وطور العلاقات بشكل واضح مع تركيا، وكل ذلك لإحداث توازن في العلاقة مع موسكو، إلا أنه بالنهاية ظل محكوماً للواقع الجيواستراتيجي.
ومع ذلك فإنه لا يمكن، حسب كثير من المراقبين، أن تسلم تركيا بهذه المعادلة تماماً، لكن إلى أي حد يمكن أن تسمح روسيا بحصول أنقرة على مساحة لعب جديدة في مناطق ذات حساسية كبيرة بالنسبة لها، خاصة وأن معظم التقديرات تشير إلى أن موسكو قطعت كل الطرق بتحركها الفوري بكازاخستان؟
سؤال يجيب عليه الخبير في الشؤون الروسية محمود الحمزة بالقول إن “تدخل موسكو المباشر والسريع في كازاخستان يعتبر طبيعياً، لكنه لم يحسم الأمور لصالحها تماماً في هذا البلد، بالنظر إلى أن الرئيس الحالي ليس مرتهناً للروس كما كان سلفه”، مؤكداً أن فرص تركيا هناك “ما تزال قائمة”.
ويقول في حديثه لـ”أورينت نت”: تركيا منافس حقيقي لروسيا في هذه المنطقة الحيوية، من خلال منظمة مجموعة الدول ذات الأصول التركية، ورغم أن الأمر معقد لكن لا أعتقد أن أنقرة ستتخلى عن مصالحها في كازاخستان، وعلى أردوغان التأثير على توكاييف و إنقاذه من الهيمنة الروسية قبل أن تحسم موسكو الأمور تماماً.
ويضيف: الأمور اليوم باتت بيد الرئيس توكاييف، وأعتقد أنه بعد فترة سيكشر عن أنيابه بعد أن كان نزار باييف مهيمناً، وعندما يستقر الوضع يستطيع توكاييف أن يطلب خروج قوات منظمة إتفاقية الأمن الجماعي.