التولة في العلاقة الزوجية.. منذ فجر التاريخ، سعى الإنسان للسيطرة على مشاعره ومشاعر من حوله. وبرزت ظاهرة السحر كوسيلة لتحقيق ذلك، بما في ذلك في العلاقات الزوجية. فما هي التولة؟ وكيف تؤثر التولة على العلاقة الزوجية؟
ما هي التولة؟
التولة هي نوع من السحر يُعتقد أنه يُحبب المرأة إلى زوجها أو العكس. وتتنوع أشكالها من:
- كتابة تعويذات.
- شرب خلطات سحرية.
- استخدام أجزاء من جسد الزوج أو الزوجة.
حكم التولة في الإسلام
التولة محرمة شرعًا، حيث نهى الله تعالى عن السحر واعتبره من الكبائر.
نرشح لك: حكم شرب الحشيش والبيرة.. دار الإفتاء تجيب؟
التولة في العلاقة الزوجية
تعتبر التولة في العلاقة الزوجية أمر محرمةً وغير مُباح، بغض النظر عما إذا كان الغرض من ذلك تحسين العلاقة وزرع المحبة بين الأزواج، أو لغرض نشر البغضاء والتفرقة، وخاصةً إذا كان الشخص المتوجه إلى هؤلاء يُقر بصحة أقوالهم ويعتقد بها، فقد تبلغ مرحلة الإيمان بهم لدرجة يُعتبر فيها خروجًا عن دين الإسلام، وأما من قصدهم دون الإيمان بهم، فلا تُقبل صلاته لمدة أربعين ليلة، ومن الواجب على الأزواج أن يتبعوا السبل الشرعية للتقريب بين القلوب دون الحاجة لارتكاب ذنب زيارة السحرة.
ممارسة التولة في العلاقة الزوجية
الشعوذة بأنواعها كلّها ممنوعة، ولا يصح التفاعل مع المشعوذين لا لأمر إيجابي ولا لأمر سلبي؛ لأن السحر يقترن دائمًت بالجحود لذات الله الكريمة، وكسب مودة الآخرين لا يتأتَّى بهذا الأسلوب المنفِّر والمحظور، وهو الجحود والنكران، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)، ليس فحسب التعبير العام في الآية يرشد إلى حظره، بل به قول محدَّد وواضح بالنهي، وهذه الفئة من الكهانة تعرف بالتولة، وهي من الأمور الممنوعة تمامًا.
كما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(دخَل عبدُ اللهِ على امرأةٍ وفي عُنقِها شيءٌ معوَّذٌ فجذَبه فقطَعه ثمَّ قال : لقد أصبَح آلُ عبدِ اللهِ أغنياءَ أنْ يُشرِكوا باللهِ ما لم يُنزِّلْ به سُلطانًا ثمَّ قال : سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (إنَّ الرُّقى والتَّمائمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ) قالوا: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ هذه الرُّقى والتَّمائمُ قد عرَفْناها فما التِّوَلَةُ؟ قال: شيءٌ يصنَعُه النِّساءُ يتحبَّبْنَ إلى أزواجِهنَّ) وقد صنّف الفقهاء هذه الصنف من الكهانة بأنها محرّمة، قال الشيخ ابن باز: “التولة، أي التحويل والتوديد، هو ما تقوم به بعض النساء لجعل أزواجهن يحبون زوجاتهم وتوديد الزوجة لزوجها، كل هذا مرفوض ويعتبر من الكهانة”.
تأثير التولة في العلاقة الزوجية
يُعتقد أن التولة تُحدث تغييرات في سلوك الزوج أو الزوجة، مما يُؤدي إلى زيادة الحب والانسجام بينهما.
هل يتغير الحكم الإسلامي المتعلق بالسحر بناءً على الغاية التي يُمارس من أجلها؟
لا يتغير حكم الدين فيما يخص السحر بغض النظر عن الغرض منه، أو حتى ما يكون أقل من السحر، فقد فصل ابن مسعود في قوله أن الشياطين يسعون لتصحيح أمور بعض الأشخاص، ليس لأنهم يريدون الخير، بل لأنهم يطمحون في أن يجعلوا هؤلاء يتخلون عن إيمانهم بالله تعالى ويقعون في الشرك الذي نهى الله عنه، وكثيرًا ما يقوم الشيطان بأفعال تروق للناس، على الرغم من كرهه لها، لكنه يفعل ذلك ليحصل على ما هو أعظم من ذلك، أي الإشراك بالله.
كما وردت روايات عن زينب زوجة ابن مسعود (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» قَالَتْ: قُلْتُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا ذَاكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) ويوجه الحديث إلى اتباع سنة النبي في الرقى ويحذر من السحر الذي يعتبر قمة الشرك.
أثر التولة في العلاقة الزوجية وإيمان الفرد
من تلقى العلم علم بأن الإقبال على العرافين والمشعوذين محرم وأن من يفعل هذا يعتبر من المذنبين، وبالرغم من ذلك لم يثنه علمهُ عن فعله، فهذا يشير إلى ضعف الإيمان في قلب هذا الشخص وتدني مكافأته وثوابه، وذلك اقتداء بقول النبي – صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).
وفي رواية أخرى عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول:(مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)، ولو كان هذا الشخص مؤمنا حقًت لما جازف بإيمانه من أجل مقابل زهيد من الدنيا، ولأن هذه الأفعال تنقص من الإيمان، فإن الله – عز وجل – لا يتقبل صلاة من يقدم عليها أربعين ليلةً، وهذا دلالة قاطعة على مدى التأثير الذي تحدثه هذه الممارسات على الإيمان.
وقد رصدنا لكم في السطور السابقة، كل ماتريد معرفته عن التولة في العلاقة الزوجية، نتمنى لكم قراءة ممتعة.